ظافر الحارثي
القضاء العماني هو إحدى سلطات الدولة الثلاث، بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي يتمثل دورها في فصل النزاعات الناشئة بين الأفراد سواءً بين بعضهم البعض أو بينهم وبين مؤسسات الدولة، وكذلك تتولى مهام الإشراف على إجراءات المحاكمة وتنظيمها وسلامة التشريعات؛ وبحسب البحوث
والدراسات فإن أول تنظيم قضائي في سلطنة عُمان ظهر في ١٩٢٠ وذلك بتشكيل محكمتين ( مدنية
وتجارية) موقعهما في ولايتي مسقط ومطرح، والجدير بالذكر أن القضاء في عُمان شهد تطوراً متدرجاً
أثناء مسيرة النهضة العُمانية، ولعل أولى مراحل هذا التطور كان مع صدور النظام الأساسي للدولة
الذي عدّ خطوة مهمة نحو بناء دولة القانون والمؤسسات وتفعيل منظومة العدل في الدولة، والذي منه انطلقت التشريعات المنظمة لعمل القضاء، أبرزها قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم
السلطاني رقم ٩٠/٩٩، ثم بعد ذلك تشريعات متعلقة بتعدد الجهات مع توضيح اختصاصاتها وتنظيمها.
إن نظام القضاء في سلطنة عُمان يُعرف بالنظام المزدوج، وذلك على اعتبار اعتماده على جهتين للقضاء
(القضاء العادي والقضاء الإداري)، بالإضافة للقضاء العسكري وبعض اللجان الإدارية الخاصة التي
لها ولاية القضاء فضلا عن المحاكم الاستثنائية، وإن أبرز ما يميز القضاء هو استقلاله الذي تكفلّ
الدستور العماني بحمايته في الباب السادس وذلك عندما أفرد المشرع هذا الباب بشكل خاص للقضاء،
والذي من خلاله أكد على أهمية شرف ونزاهة القضاء وأن على أساسه وأساس القانون يكون الحُكم في
الدولة.
ومع تحديث منظومة التشريعات المتعلقة بالقضاء، والحرص القائم على ضمان مواكبتها احتياجات
المجتمع العماني، ازدهر القضاء شيءً فشيءً، مراعياً أثناء ازدهاره المبادئ الأساسية التي تقوم عليها
المحاكم؛ كمبدأ المساواة ، تقريب المحاكم وتعددها، التقاضي على درجتين ومجانية القضاء وعلنية
الجلسات وغيرها؛ وإن كانت المحاكم تمثل العنصر المادي في النظام القضائي فإن القضاة يعدون
من أهم العناصر البشرية للنظام القضائي الذين يتمتعون بضمانات تساعدهم على أداء عملهم على أكمل وجه، والذين يتصفون بصفات خاصة تؤهلهم للقيام بهذه الوظيفة المهمة، والذين يستمرون
في أدائها متى ما كانت كفاءتهم مناسبة، في الأونة الأخيرة شاهدنا تجديد القضاء العماني وذلك بصدور
مراسيم سلطانية رسمها جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعه – وذلك لما تقتضيه المصلحة
العامة؛ لتمضي الجهود في مجابهة التحديات المستمرة لتكون ملائمة مع ثورة التطورات التي يشهدها عالمنا، آملين السداد والتوفيق لرفعة هذا الجهاز الحساس المهم.